الأربعاء، 18 أبريل 2012


قصـــــــــــــة بعنوان / في ليلـــــــــــــة عُــــــــرس

من زرقاء اليمامة المصرية في 17 أبريل، 2012‏ في 01:45 صباحاً‏ ·‏

فــــي ليلــة عرس

***************

اليوم هو موعد رجوع عادل من السفر....الكل يتأهب لإستقباله...
وقفت سيارة الأجرة أمام بيت عادل...وهبط منها شاب في الثلاثين من عمره.....جميل الشكل مهندم ثيابه...طويل القامة  ، ذو شعر أسود.
وما إن وطأت قدماه الأرض،..ظل دقيقتين ثابتا لا يحركهما....ثم رفع رأسه إلى أعلى ،......ليرى من ينتظره في شرفة المنزل.
وأطال النظر إلى إحدى الشرفات......ثم أدار وجه وعينه إلى باقي الشرفات....وابتسم ابتسامة حزينة....نعم يشوبها الحزن الدفين.
ومد يده في جيبه ليخرج الأجرة،....وأسرعت يد أخرى لم يلحظ وجودها بجواره وأعطت السائق أجرته....وتبسم عادل بخجل قائلا:
==أنت دوما من يتحمل مسؤليتي ويشعرني أني مازلت إبنك الصغير،
** ألست ابني,,,,الغير يا عادل؟!!! أكبرت على والدك؟
==أسف يا والدي....ولكني أحب وأعشق خوفك علي.

وانحنى عادل على يد والده ليقبلها...وارتفع إلى الرأس ليحتضنها ويغمرها بالقبلات،وابتلت الرأس من الدموع ، وغرقا في بكاء مكتوما،...إلى أن قاطعهما صوت أخر..صوت أخته نادية، الأخت الوحيدة......بحضن وضحكة جميلة كعادتها دائما ، عندما تقابل عادل قبل السفر وبعده.

وصعدوا السلم ..ودخلوا الشقة...وعين عادل تعيد ذكريات ومشاهد عاشها في ذلك البيت، هو بيته منذ ولد فيه ، وكذلك بقية أخوته، فيه كل الذكريات...حلوها ومرها.
وضع الحقيبة واتجه إلى غرفة إخيه مدحت،...وفتح الباب برفق...ونظر غلى إخيه الممد على سريره، وابتسم له بسمة أضاءت وجه وسر لها قلب مدحت.
واحتضنه بعمق ولم يتحدثا، تركا الأحضان تعبر عن الأشتياق،والدموع تشهد عليهما، ولم يقطع هذا اللقاء شيئ،
وهدأت النفوس بعد عناق طويل ، أفرغ كلاهما شوقه في قلب الأخر.
وإعتدلا لينظرا في الوجوه المشتاقة بعد غربة ثلاثة أعوام،.......وكأنهم تغربا دهرا كاملا.
وسمعا الأذان ...أذان العشاء،وتلقائيا قال عادل:
هيا إلى الصلاة، قبل أن تنادي علينا أمك..وتسكب الماء البارد علينا.
وخيم السكون...لم يرد عليه مدحت...وباب الغرفة تمسمرت عنده قدم الأب،و أفاق عادل من لحظة عاش فيها الأمس، وتذكر أن أمه وافتها المنية منذ عام،....وهنا بكى مجددا بصوت مرتفع مع التاوهات.,,,,خرج مسرعا من الغرفة ليدخل غرفة أمه، وافترش السرير حاضنا وسادتها باكيا ، بكاء طفل يحتاج أمه،..ولما لا؟!!!....وهى منبع الحنان،كانت الأخت والأم والصديقة طيلة عمره، وهو ولدها البكري المطيع..
وهنا...أخذه النعاس، وناااااااااااااام ما يقرب الساعتين،...والكل يحمد الله أنه نام،مقدرين ارهاق السفر، وذكرى الأم الحنون.
ورن جرس الهاتف....وردت عليه نادية مهللة ومستبشرة بمكالمة نورهان ، خطيبة أخيها عادل
و عرضت عليها الحضور لتسلم على عادل، ولكنها  إعتذرت  وقالت لها......غدا إن شاء الله عصرا سنأتي جميعا.
ودخلت نادية لتحكي ما دار بينها وبين نورهان لأبيها، وقد سر الأب لهذا الحديث، وتمنى لو أن عادلا الأن يصحو.
وبالفعل صحا عادل وكان يحس بغربة في المكان...كأنه لم يدخل هذا البيت من قبل، ولم ير تلك الوجوه،في وسط دهشة الجميع.
بادره أبوه قائلا:
أي بني....ماذا حل بك؟...رد جوابا علي!!
نظر له عادل بدهشة...والعين متحيرة تتسأل....من هولاء الناس؟..وبما يجيب !!!!!
خر الأب جالسا على أقرب كرسي له، وأخته تهزه تنبيها له،,,,,,ولا فائدة.
أسرعت نادية إلى غرفة أمها لترى ماذا يكون فيها غير أخاها هكذا.
فلم تجد جديدا بها...وأسرعت لأخيها مدحت لتخبره ،....وأجلسته على كرسيه المتحرك وخرجت به إلى الصالة ، وحاول أن يكلم أخيه، ولا فائدة.
بكى كثيرا وهو يذكره بنفسه وبأهله، ونطقت نادية باسم نورهان، ولم يعيرها اهتماما...وغرق الأب في دموعه.
أسرعت نادية إلى أخيها عادل وأجلسته على الأريكة، ومسحت وجه المتعرق بيديها، وأخذت تفكر في الحل..وأجلت الحزن والدهشة،وفكرت بالأتصال بابن عمها علي.....وهو الصديق الحميم لعادل.
وحضر سريعا...وشاهد الموقف وفهمه جيدا، واتصل بطبيب نفساني وحجز الموعد لزيارته غد.
الكل في دهشة كيف يقضون الليلة معه وهو لا يدري من يكون هو..أو هم.
وجلسوا بجوارة بذكاء كل منهم يحكي قصة أو موقفا عن الماضي وأحداثه لعله يفيق.
وطلع النهار...وكانت ليلة طويلة، واستعد مدحت المريض للنوم بعد أخذ الدواء المسكن، وخرج علي، راجعا إلى بيته على موعد العصر للقائهم والذهاب إلى الطبيب.
وأدخلت نادية أخاها عادل إلى غرفة نومه وجلست بجوار سريره، خوفا ان يستيقظ ويخرج من تلقاء نفسه، وكان عادل مطاوعا لها، كأنه طفل صغير بين يدي أمه ، تفعل به ما تشاء.
ونام علي مرة أخرى...والكل في سكون...حتى قرب موعدالطبيب، وجاء علي وساعد عادل في ارتداء ملابسه، ولم يستغرب عادل ثيابه بل لبسها بطريقة صحيحة،ونزل علي بعادل وحدهما وركبا السيارة التي يمتلكها علي، وفي الطريق أدار علي شريطا لأغنية يحبها عادل منذ صغره، لعلها تفيد.
ولم يستجب عادل لأي من المؤثرات.......................حتى دخلا  على الطبيب،
فشرح الطبيب حالته بعد الكشف عليه، وأوضح لهم أنه مرض عارض وسيزول في خلال أسبوعين،..وأن السبب فيه هو.....خوفه من أمر مقبل عليه، إنه يخاف الفشل.
وشرح له علي الوضوع بأنه مقبل على الزواج من ابنة عم له، وهما على وفاق تام بينهما...ووقد تم عقد قرانهما منذ ثلاثة أعوام...وكانت من اختيار والدته...وكانت دائما تقول له :
هي أختياري وأكثر شبها بي...وأنا من يقوم بزفها إليك يوم عرسك...وأنا من يحمل الأحفاد قبلكما.....أنت البكري،
عرف الطبيب العلة وسبب المرض...هو أن عادلا يخشى الفشل،وأنه يهدم الصورة التي رسمتها أمه له عن الزواج ،وبموتها ماتت الرغبة لديه في تنفيذ المهمة،وهو يخشى البوح بالرفض، ...وهنا تناقضت عنده الأسباب...وهرب بهذه الطريقة من المسؤلية،...وهذا شئ لا إرادي.
.و ذات يوم  استدعى الطبيب خطيبته نورهان....وحضرت واستقبلها الطبيب في غرفة أخرى
وشرح لها الموضوع كاملا..و رسم لها خطة لتعجل بشفائه.
وهي تزوره في البيت وتتكلم عن ذكرياتها معه أمام الأسرة دون أن تتعمد لفت نظره، وهو يسمعها، كأنها تحكي عن شخص أخر.
وبعد عدة جلسات طلب الطبيب من الأهل أن يتموا الفرح في ميعاده...وأمرهم أن يتعاملوا معه في تلك اليلة كأي زائر...ويكون الحفل عائليا.
*ويوم الفرح قام علي بدور جميل .....وأقنعه أن يلبس حلة الزفاف , بحجة أنه يحضر حفل زفاف نورهان ، ووافقه عادل، وفي أثناء الحفل جرت نوهان بثوب الزفاف ووقفت سريعا بجوار عادل....والتقط  على صورة لهما وسط دهشة عادل....وختم الزفاف......وأختبأت نوهان في غرفة نادية إلى منتصف الليل،,,,وقدم علي مشروبا لعادل به قليل من المنوم،.....ونام عادل.
وقام الفريق بتنفيذ الخطة...وهي أن تبدل نورهان ثوبها بقميص نوم...وتدخل غرفة عادل وتراقبه حتى يستيقظ،....وحمض علي الصورة سريعا بمساعدة جارة صاحب معمل التحميض....وعلقها في الغرفة،...ومرت الليلة ، واستيقظ عادل من نومه، وفؤجئ بنورهان التي أتقنت تمثيل الدور عليه،
وسألها عن وجودها، فقالت له:
أنا زوجتك، لم يصدق ، فأشارت إلى الصورة المعلقة على الحائط دليل زفافهما.
ووهو يكذب في نصف دهشة، و هنا ظهرت عليه بوادر الإطمئنان ، وسألها:
هل حقا تزوجنا؟.
..وردت عليه بالإيجاب.
فسألها ،:  وأمي؟....ووعدي لأمي؟
وهنا أدركت شفاءه...ففرحت وعلا صوتها بالضحك.....وخرجت من غرفتها تنادي الأهل وتبشرهم بشفائه.
وفرح الأهل بذلك.....وصمم الأب على أن يتم زفاف أخر ودعوة كل الأقارب، ووافق عادل......وبالفعل تم .
**********************.......salma تمت *************((( زرقاء اليمامة المصرية )))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق