الأربعاء، 18 أبريل 2012

قصـــــة بعنـــــوان / ليلـــــــة شتـــــــوية حـــــــرجـــــة

من زرقاء اليمامة المصرية في 17 أبريل، 2012‏ في 02:40 صباحاً‏ ·‏

قصة قصيرة......(( ليلة شتوية ...حرجة ))

****************************

ليلة البرد فيها قارص......صوت المطر كسياط تلفح جسد حصان متعثرا في خطواته..أو معترضا السير في الطريق الوعر........تنهمر المياه فوق سقف بيت جابر...وكأنها تتعمده...لتهدمه أو لتكشف ما فيه...ومن فيه.
لتكشف المستور...والرياح تخبط وتطرق الباب بشده لتوقظ أهل البيت....وتقلق منامهم..
..حتى الرياح تعترض أن ينام جابر تلك الليلة في هدوء.....والبرق يشارك الماء والرياح الغضب....وقد اتفقوا مع الرعد ..على جابر.
وتنجح الرياح في فتح نافذة البيت المكون من دور واحد....وثلاث غرف واسعة فيهن غرفة للطيور...وغرفتين وصالة شبه فارغة من الأثاث....يقبع في كل غرفة أشخاص...لا يربط ينهم غير طبق الطعام الموحد...واسم ينتسبون إليه.
وتجوب الرياح الغرف تبحث عن جابر...وتجده يجلس نصف جلسة..متكأ على وسادتين باليتين...ولونهما يشيران..أنهما في الماضي كانتا في غاية من الجمال.....
.نعم قد مر على صنعهما أكثر من 14 عاما...وهما يتأرجحان ما بين يد هذا وأرجل ذاك....حتى تحول لونهما إلى لون يحاكي سوء معيشتهما مع هؤلاء البشر.
هنا يدخن جابر سيجارة تبغ ...وينظر إلى دخانها المتصاعد لأعلى....ويداعب الدخان بأصابعه كأنه يرسم به منظرا طبيعيا...أو...يتحدى صعوده إلى الأعلى.

ويختلس النظر بطرف عينه إلى الفتاة التي ترقد بالقرب منه..بجوار بعض الحطب المشتعل طلبا للدفء.....وتتلفح بغطاء رقيق ..لا يستر ولا يغني من برد......وهي تتحرك بداخله كالثعبان....ويخرج من فيها أصوات أنين و لعنات.....تكاد لا تسمع.
ويبادرها بصوت غليظ يفوق سنه الذي لا يتجاوز الأربعين...إنما يتماثل مع جسده العملاق وخشونة ملامحه ...وهيئته.

يقول لها.:
*..ألم تستقري على وضع؟!!!! حركاتك أذهبت النوم من عيني.
**..كيف يأتيك النوم...وانت تحتجزني هنا طيلة هذه الليلة ؟!!!ألا تمل مني؟...ألا تعتقني؟
*. كيف أمل منك؟....أنت لي ..وأنت التي رضيتي بالمجئ معي...ألا تذكرين ذلك؟
**.أنا...؟!!!!...أيها الظالم...أنت قلت لي تعالي ساعة واحدة تخدمين فيها أمي المريضة ولن تتأخري...وكثر الحاحك علي......ووصفت أن أمك تكاد تموت في هذا البرد اللعين وأنت لا تستطيع تنظيفها خجلا منها....وأنا طاوعتك......يا خيبة قلبي.
*. أنت كنت تحتاجين المال...وأنا عرضته عليك ، ولكن بطريقة شريفة.....وهل كنت ستوافقين على المجئ معي إذا عرضت عليك طلبي....بطريقة غير ها ؟!!!
**= أيها المخادع....حجزتني واستمتعت بي....ولم تأخذك رأفة بي..ولا رأفة بسكان هذا البيت الفقير المعدم...ألا تشعر بهم؟...ألا تخجل من نفسك...؟...وأنت المسؤل الأول والأخير عنهم؟
أنظر إلى تلك المرأة ..زوجك...وهي تحتضن طفلك الرضيع ..وتغطيه هو..وتتعرى هي من أجله؟....أخذت منها غطاءها لنتغطى به نحن!!!....وأنظر إلى غرفة أبويك العاجزان...ألم تراعي الله فيهما..والفقر يأكلهما؟!!
وأولادك الخمسة...ينامون يتألمون من الجوع، وأنت تشتري الحشيش لتسهر ليلتك معي .
ألم تشتري شعورهم؟....ألم تحس بأنهم بشر !!!
-----اعتدل جابر في جلسته ومد يده تحت الوسادة السفلية وأخرج علبة السجائر وورق اللف والحشيش...واستمر في لف السيجارة...وكأنه لم يسمع كلامها....وقرب فاه من الحطب المشتعل ليشعل سيجارته...وطرف عينه على تلك الفتاة.........وكأنه يتأهب للإنقضاض عليها...ولكن السيجارة تحدثه وتحثه على الإستمرار في التدخين لأخر نفس....واستجاب لدعوة السيجارة له،وأخذ يداعب الدخان مرة أخرى...ويسرح بخياله إلي بعيد.....وفجأة ظهرت منه ابتسامة..وتمتم يقول في سره...كانت أيااااااااام.
الرياح والماء والبرق والرعد...رددوا وراءه تلك العبارة......وكانت أيااااااااااااام.
صوت الرعد مع البرق قطعا خيال جابر.....وأيقظا الطفل الرضيع ..وبكى الطفل..والأم تحاول تهدأته بنغمات كأنها أنين وتوجع..نعم يملؤها الوجع والمرارة...ما تراه هذه الأم من حلو.....لتتغنى به..كيف؟...وهي ترى زوجها يفضل فتاة من الشارع عليها؟!!
ويتلذذ بها أمام عينيها.....وهى صابرة...وتقول لحالها...:....لعل الله يبعده عنها لترتاح من قذارته وإدمانه.......((..قالتها..صدقتبها أم كذبت..))...المهم أنها قالتها....على أنها نغمة تسكت بها الطفل.
ونام الطفل وهي تلقمه ثديها وتدفنه فيه.
ويخرج من الغرفة المجاورة صوت طفلة لم تتجاوز العشر سنوات من عمرها....وهي تدفع أخاها عنها بصوت مكتوم.....وتقوم الأم لتكتشف أن أخاها الأكبر أراد التحرش بها........صعقت الأم...وكتمت صراخها خشية الأب المسعور.
نهرت الولد وصفعته على خده..ولم ينطق بكلمة.
أخذت ابنتها الوحيدة ووضعتها مع جديها....والبنت راضية بحكم الأم هذه المرة..بعدما كانت ترفض المبيت في غرفة الجدين من قبل
رضيت هذه المرة ...وحمدت الأم ربها على سلامة عرض ابنتها....ورجعت إلى مضجعها فرأت شيئا غريبا
وجدت الفتاة....الغريبة...عشيقة زوجها وهي تحتضن الطفل الرضيع وتضع عليه غطاءها...وتتتنفس بعمق كأنا تشتاق للأمومة.
همست الزوجة في أذن الفتاة وقالت:
*. أشكرك....الحمد لله أن أباه لم يحس به..وإلا لقام عليه ضربا...والبيت يزداد خرابا.
=لا عليك......أنا عرفت عنكم ما يغنيك عن التوضيح....ولكن طفح الكيل بي...ماذا أفعل للتخلص من هذا الرجل اللعين؟
*. هو لم يذق النوم طيلة ثلاث ليال...وأكيد سيغلبه النوم في الصباح...فأهربي منه.
=حسنا...ماذا تقولين له عندما يسنيقظ ولم يجدني ويسأل عني؟
*. سأقول له أني كنت نائما....وأين أنت منها؟
= على بركة الله ..هيا نصطنع النوم إلى أن يغرق هو فيه.
_____ولم تشعرا بوجودهما حتى الصباح ..قد سرقهما النوم وغفلته...وغرقتا في النوم....وأفاقتا على صوت الجد وهو ينادي أحد الأحفاد ليساعده على سكب الماء للوضوء ليتمكن من قضاء صلاة الصبح.
وبدأ وداع حنان ولد في أخر ساعة من  الليلة ...وتسللت الفتاة للخارج......ودبت الحركة بالبيت كأنه سوق خضار....والأب في سبات ....وقامت الأم بتنظيف البيت والجدين ...بمساعدة البنت التي لم تعرف هي الأخرى طعم النوم ليلة أمس..إلا بعد عناء طويل.
وقام الولد الأكبر وهو شديد الألم والندم ....معترفا بذنبه........معتذرا لأمه ولأخته......ولكن قرر شيئا غريبا في نفسه هو أن يتحمل مسؤلية هروب الفتاة عن أمه..لكي لا يضربها أبوه.
أحست الأم أن صنيعها لتلك الفتاة لم يذهب هباءا...وأن الله عوضها برجل صغير السن..ولكنه شجاع وتأملت فيه أن يعولها هي وأخوته الصغار.
وانقطع المطر...وهدأت السماء وكأنها رضيت عن أهل هذا البيت..وتعالى صوت الطيور التي تسكن الغرفة الثالثة........وخرج الأطفال الثلاثة الصغار لجمع البيض... ليتناولوا لفطور وبيع البعض منه.
وهنا سألت البنت أمها....:
+ أماه...ما اسم الفتاة التي كانت بصحبة أبي .؟
*. أتصدقيني ..إذا قلت لك أني لا أعرف لها اسما...سوى اسم ..بنت..كما كان يناديها أبوك...ههههههه....الحمد لله..هي ليلة ومرت بسلام....والله المستعان.
*************************......salma تمت ********((( زرقاء اليمامة المصرية )))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق